نحتاج إلى تأمل ومراجعة مفردات الحب والجنس والمرأة
-مجلة نصف الدنيا / العدد 703 / 3 أغسطس 2003م
الشاعرة البحرينية بروين حبيب، كانت ضيفة على تجمع السنونو الثقافي في كوبنهاجن، وقد قدمت ورقة حول "الجنس والثقافة" شاركها أحد شعراء الدانمارك وكانت بعنوان " الجنس كتجربة ثقافية واجتماعية".
وقد ألقت بروين قصائدها في أمسيتين شعريتين في مدينتي "كوبنهاجن" و"أودنسه". بينما قرأ الترجمة المخرج والممثل الدانماركي سايه أندرسن.
هنا عرض لمداخلة بروين حبيب في الأمسية التي شاركت فيها عدد كبير من الشعراء والكتاب وكذلك مبدعين من اليونان وألمانيا ولتوانيا وكتاب عرب يعيشون في الدانمارك والسويد.
تقول بروين حبيب:إن الثقافة العربية عبر تمحورها تعاملت مع الجسد على أنه أحمد المحرمات التي يعدّ تناولها عيبا، وقد نتج هذا الوعي من ارتباط الجسد بالموروث والمقدس، وربطه بالأعضاء الحسية الداخلية التي يجب إخفاؤها، وبمعنى مقارب، تدخل الدين في تحديد مفهوم الجسد على أنه عورة، وهو ما أدرجته الثقافة العربية على المرأة فقد دون الرجل، لذا نجد أن الثقافة الإسلامية تضع معاييرها الحادة في ستر أعضاء الجسد ليس للمرأة فحسب ولكن للرجل أيضا، فلم تبح للرجل إلا إظهار الوجه والرأس واليدين والقدمين.أما المرأة فلا يباح لها إظهار أي شيء من جسدها، وهنا ارتقى مفهوم الجسد إلى درجة المقدس بمعناه الحرفي.
وتشير بروين إلى أن الجسد ظل لفترات طويلة يخضع للمتخيل الفكري، ولم يتم التعبير عن ذلك إلا في إطار من الإباحية، حيث تم التعارف بين بني الإنسان على أن الجسد من المحرمات التي ينبغي عدم الخوض فيها، لافتة إلى أن الجسد ظل هكذا حتى تناوله الأدب فحول مساره من المتخيل المسكوت عنه، إلى المتخيل المباح به والمعبر عنه في دلالات وألفاظ صار الجسد مادة إبداعية مثلت منطلقا أساسيا لكسف مفهوم الذات وتمظهراتها.
ثم تساءلت بروين قائلة: الجنسية ترتكز على فعل الدهشة، اللذة والعلاقات الحميمة، أم من أجل نشوة ذكورية وحاجات الإنجاب؟
وترى الشاعرة البحرينية أن تجربة الجسد في العالمين العربي والإسلامي ترتكز على مفهوم الكبت بالمعنى الثقافي وليس المعنى السيكولوجي أكثر من مفهوم التحرر والانطلاق الجسدي، مشيرة إلى أن التجربة الجسدية عند المرأة العربية مؤجلة لصالح انشغالات أخرى، منها العنف الجسدي بمعنى الاستهلاك العاطفي والإرهاق الدقيق الناتج عن إدارة شؤون المنزل وتربية الأولاد.
فيما تؤكد بروين حبيب أن الكاتبة العربية في رصدها لتحولات الجسد، ووعيها به، تكتب لغة جسدها بعيدا عم ممارستها لذلك الجسد، موضحة أن التجربة الإبداعية بما فيها اللغة لا تنطلق من واقع حياتي أو ممارسة حقيقية للجسد إلا نادرا، ويتم تناول الموضوع برمزية عالية ومواراة.
وتنهي بروين حبيب مشاركتها بالقول: إننا بحاجة حقيقية إلى ثورة شاملة في الثقافة لإيجاد مساحة أخرى ثالثة بين تبني القيم المذكرة وبين المحافظة على قيم النساء وجدوى هذه الثورة في كفاحها ضد الأفكار النمطية الثابتة، بعيدا عن الضغوطات الاجتماعية والمخاوف والمحرمات..بحاجة أيضا إلى التأمل والمراجعة في مفردات الحب والجنس والمرأة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق