التلفزيون «محرقة» وقاعات الشعر لم تعد تسر الناظرين
بروين حبيب تروي تجربتها أمام طالبات جامعة الإمارات
التاريخ: 28 مارس 2008
في أمسية أدبية نظمها قسم اللغة العربية في جامعة الإمارات، طغى فيها الشعر على سلطة وبريق الإعلام، استعرضت الإعلامية والشاعرة البحرينية الدكتورة بروين حبيب، تجربتها على منابر الشعر، واعتلاء خشبة المسرح وعمرها لم يتجاوز 12 عاماً، وقالت فيه جملتين، بعد أن تقمصت دور الرجل، وفازت بجائزة أفضل ممثلة عليهما، دخلت رحاب صاحبة الجلالة من باب تقديم نشرات الأخبار وبرامج التوك شو وصولاً إلى برنامج «نلتقي مع بروين» في تلفزيون دبي.
قدمت للأمسية الدكتورة فاطمة البريكي الأستاذة في قسم اللغة العربية وحضرها عدد من أعضاء هيئة التدريس. بروين حبيب القادمة من أعماق تجربة شعرية ثرية ونقدية، وتجربة مسرحية قصيرة، أشارت في ندوتها بجامعة الإمارات أن علاقة وطيدة بالورقة والقلم والوقوف بثقة أمام أضواء الكاميرات، مؤكدة أنها لم تولد في حديقة الكلمات، لكن الله وهبها أناساً قدموا لها النصح والإرشاد والتوجيه والرعاية والتشجيع.
بروين لها رأي وفلسفة خاصة في الرؤية لبرامج التلفزيون مابين الهم الثقافي وآليات التلاعب بالعقول، فهي تسعى لتقديم المفكر والأديب وليس لديها مانع من استضافة شاعر حديث إنما صاحب مشروع ثقافي وليس بالضرورة أن يكون صاحب قاعدة جماهيرية. وتشير إلى أن هناك مفارقات صادمة أحياناً بين مستوى المنتج الإبداعي والسلوك الإنساني، فكثيراً ما تمنت أن تكون الكاميرا معها خلف الكواليس. وتعتقد بروين أن نجاح الحلقة يعتمد بالدرجة الأولى على شخصية الضيف وحضوره وتفاعله، وأكدت على مسألة «الكاريزما»، فليس كل كائن كتابي متحدث يجيد التعبير عن نفسه أمام التلفزيون.
وفي حديثها عن تجربتها بين الإعلام والأدب، تكشف بروين عن أنها تعيش ماراثوناً عنيفاً ما بين برجوازية الأدب وديمقراطية الصورة، في محاولة التعلم والاقتراب والفهم، فهي قادمة للإعلام من صفوف الأدباء، وتشير إلى أنها قرأت «بقايا صور» للروائي السوري حنا مينه، ولم تكن تتوقع أن تشرب معه فنجان قهوة في شرفة منزله، وكذلك عندما جلست مع الكاتب السوري خيري الذهبي في مقهى «النوفرة» في دمشق، ومثله الشاعر أدونيس وعدد من كبار الأدباء والمفكرين والفنانين، منطلقة من ثقافة البسطاء والعمالقة.
وعن تجربتها المسرحية، تعود بروين بالذاكرة إلى أيام المدرسة الابتدائية، حيث سكنها هاجس حب المسرح، واعتلت خشبته والتقت نجومه ومخرجيه لكن الظروف الشخصية لم تسمح بالاستمرار، وقد عرض عليها كتابة النصوص الدرامية ورغم إغراء العروض لم تخض التجربة. وتقول بروين إن البرامج السياسية وتقديم نشرات الأخبار لم تستهوها، وعندما كانت تجري اللقاءات مع السياسيين كانت تبحث عن الوجه الآخر، إلى أن انتشلها عبد اللطيف القرقاوي من السياسة، وفتح لها في تلفزيون دبي آفاق برامج «التوك شو» التي ترى فيها مشروعها الفكري والثقافي والإعلامي. وأكدت أن محطتها في دبي أغنتها كثيراً في كافة المجالات وقدمتها نجمة عربية.
وعن مقومات الإعلامي الناجح، تؤكد بروين أن مقدم البرامج الناجح هو الحضور الشخصي وقبوله لدى المشاهدين، إضافة للثقافة العامة واللغة والتخصص، مشيرة إلى أنه ليس للشكل واللون دور، إلا عند بعض الإدارات،التي تعتبر المذيعة الصغيرة والجميلة مدخلاً لتسويق برامجها. موضحة أنه لو كان الإعلاميان الكبيران حمدي قنديل وعماد أديب، من العنصر النسائي لما استمرا حتى الآن في مسيرة نجاحهما المستمرة والمتجددة، وأمامنا تجربة في المحطات العالمية تتمثل بكل من لاري كينغ وبربارا ولترز وأ وبرا ونفري.
وأكدت بروين أنها لا تراهن على الصورة فقط، فالشاعر أبقى وأنقى من الصورة، معتبرة أن ذاكرة المشاهد قصيرة، بل إنه خائن في بعض الأحيان، وقالت:(راهنت على بعض الشخصيات الأدبية فخذلتني أمام الكاميرا فيما كانت متألقة خارج الكادر). وعن تصورها للمشهد الثقافي أكدت أن قاعات الشعر ما عادت تسر الناظرين، مؤكدة أن التلفزيون محرقة، فهو يريد أن يلتهم كل شيء، والإعلام بات سلطة ثقافية واجتماعية تلغي ذاكرة وتبني ذاكرة أخرى، وهنا يجب أن نتحرك إعلامياً، وللأسف نحن لا نصنع الإعلام في معظم الأحيان بل نبيعه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق