[بين الشيخ محمد بن راشد وبيني]2007م
"معرفة"
بقلم: د. بروين حبيب
في كلامه حول "الاستثمار في البنية التحتية للمعرفة"، أراد سمو الشيخ محمد بن راشد فتح الباب العربي على العالم فأطلق الدعوة إلى بناء ثقافة عربية جديدة تقوم على علاقة من طبيعة جديدة مع المعرفة. هكذا يجب علينا نحن الإعلاميين أن نفهم مبادرة الشيخ محمد بن راشد، وطموحه الجبار للاستثمار في المعرفة، والذي اعتبرته المراجع الكبرى في العالم أضخم طموح معرفي عربي حتى الآن.
بمثل هذه الخطورة، يجب أن ننظر إلى دورنا ونحن نتحرك (بدورنا) لربط دعوة الشيخ محمد بن راشد بالناس، وهو واجبنا اليومي في الإعلام، وفي تلفزيون دبي على وجه خاص، فهو تلفزيون هذه المدينة، وهذا الصوت، وهذا الطموح ذو الطابع العربي الأصيل والإنساني معاً ..
الأنظار تتطلع الآن إلى دبي،
وعلى تلفزيون دبي أن يكون حاضراً بالمعنى الثقافي والمعرفي القوي للكلمة، لتغطية كل هذا، ولفتح القناة بين الثقافة والناس.. بطريقة جديدة غير مسبوقة تتجاوب والدعوة التاريخية التي أطلقها سموه، منادياً بأهمية الاستثمار في البنية التحتية للمعرفة، وهي بنية شاملة لكنها لا تجد لحمتها إلا بالثقافة، كما عبّر سموه.
التلفزيون يلعب أخطر الأدوار بالمعنيين السلبي والإيجابي.. وحري به أن يلعب دوراً كبيراً في نشر الثقافة الجديدة والمعرفة الجديدة بالعالم... ويوصل الرسالة التي أراد الشيخ محمد بن راشد إيصالها من خلال مشروعه الجبّار لبناء معرفة عربية جديدة بالعالم.
وفي نظرنا أن أول مَنْ سيترجم هذه الرغبة التي تحولت إلى أمر واقع قائم وبرنامج عمل يومي هو التلفزيون لما له من تأثير على مختلف فئات المجتمع.
- إن ربط الناس بالمعرفة وربط المعرفة بالحدث اليومي، هو بعض ما يمكن أن يقوم به التلفزيون، أي تلفزيون، وبالتالي فإن برامج تلفزيون دبي، والبرنامج ذو الطبيعة الثقافية، سيلعب الأدوار الأخطر في ترجمة الطموح الحضاري إلى وقائع ونشر نوع جديد من المعرفة:
- ربط المشاهدين العرب أينما كانوا بالطموحات والأفكار الخلاقة التي طرحها الشيخ محمد بن راشد، وترجمة هذه الأفكار إلى موضوعات متعددة.
- الكشف عن المواهب الجديدة الخلاقة والراقية والقادرة على إعادة تقديم العقل العربي والروح العربية الوثابة المتطلعة إلى حياة جديدة في عصر جديد.
- تقديم معرفة عربية بامتياز من حيث قدرتها على التعبير عن الناس في الشارع العربي.
- معرفة إنسانية الطابع بعيدة عن كل تعصب قومي أو ديني أو أيديولوجي.
- معرفة منفتحة على الآخر وليست معادية له، فليس بوسع أي أمة اليوم، ومنها أمة العرب، وأمة الإسلام أن تنغلق على ذاتها وتعادي الثقافات الأخرى كما تريد وتنادي بعض الجماعات.
- أي تقديم المعرفة العلمية، والمعرفة الأدبية والإبداع الفني والأدبي والفكري بقوالب تحبب الناس بالمادة الراقية والرصينة، وتقرب المسائل والقضايا المعقدة أدبية وعلمية وتاريخية واجتماعية وفكرية وفنية بحيث تكون قريبة من الأذهان.
وبما أن برامج المؤسسة صاحبة المبادرة ستهدف إلى "إعادة الاعتبار للفكر والمفكرين عن طريق الدعم والنشر والجوائز والإعلام" فإن أي برنامج تلفزيوني سُيقدم في هذا الإطار لابد أن يصمم لترجمة هذا الطموح إلى موضوعات وأفكار وصياغات قوية وجذابة وشعبية. وهو ما ينعكس ويتماشى مع مبادرة سمو الشيخ محمد بن راشد ويشكل واحدة من الرافعات الإعلامية المعرفية لها.
وبالتالي من شأن البرنامج التلفزيوني:
- أن يقوم بترجمة أفكار التواصل والحوار وتبادل الخبرات محلياً وعربياً وعالمياً لتشريع تحقيق الحكم الرشيد وتحفيز بناء الشراكات بين الحكومات والقطاع الخاص وتحفيز خلق وظائف جديدة .. وإلقاء الضوء بشكل فعال على الموضوعات المتصلة بذلك.
- ربط أعمال المؤسسة التي ستبنيها مبادرة سمو الشيخ محمد بن راشد بمخططاتها وطموحاتها وأهدافها على مستويات مختلفة بالجمهور العريض لكونها مؤسسة ستعمل كما عبّر سموه على "تقديم الدعم للعقول والقدرات الشابة والتركيز على العطاء للبحث العلمي، والتعليم والثقافة والاستثمار في البنية الأساسية للمعرفة، والسعي لتوفير فرص متساوية لأبناء المنطقة في التقدم والحياة الكريمة ومساعدتهم على مواكبة ركب التطور العالمي والمشاركة بشكل إيجابي في تحديد ملامح المستقبل".
- إن تفكيك هذه الطموحات إلى وحدات مركزة وربطها بالأعمال الجارية، وبالموضوعات المحددة، وبالأخبار الجارية، وتقديمها كمعرفة، هو بعض ما ينبغي على البرنامج التلفزيوني القيام به، في مواكبة المشروع الجبّار الذي عبّر عنه سمو الشيخ محمد بن راشد. وباعتقادي أن البرامج الثقافية المختلفة لتلفزيون دبي عليها أن تأخذ المبادرة إلى ذلك قبل غيرها من المحطات التلفزيونية.. وأقرب البرامج من هذه الأفكار هو البرنامج ذو الطبيعة الثقافية عموماً.. والثقافة عندي تشمل كل شيء..
- من شأن التلفزيون المشاركة بقوة في الكشف عما أشارت إليه مبادرة سموه حول "العقول والقدرات الشابة" وبما أن جيل الشباب هو الأكثر صلة بالتلفزيون، فإن التبشير بمعرفة من طبيعة محددة راقية، عصرية، منفتحة، وأصيلة، من شأنه أن يساعد على ربط قطاعات الشباب المبدع بأجواء المؤسسة وأعمالها وبالتالي يساهم بشكل قوي في توضيح معنى فكرة "الاستثمار في البنية الأساسية للمعرفة"..
- وأملنا أن يقدم البرنامج التلفزيون الجديد في حقول المعرفة بلغة جيدة تتجاوز اللهجة والوسائل السائدة عربياً في تقديم المعرفة، وهو ما يتناسب مع أهداف المؤسسة والمبادرة التي أطلقها سموه والتي تهدف إلى "بناء جسر فعال لعبور الفجوة المعرفية التي تعاني منها المنطقة اليوم"، ومن بين الفجوات الكبيرة هي ضعف العلاقة بين التلفزيون والثقافة، وغموض العلاقة بين الثقافة العصرية والناس. فهي تحتاج إلى لغة جيدة.. تردم الفجوات، وتبني جسوراً على هذين الخطين.
هذه بعض الأفكار المتساوقة مع مبادرة سمو الشيخ محمد بن راشد، سقتها لأشير إلى أهمية وحيوية الترابط بينها وبين المقترح التلفزيوني الذي أتطلع إلى تحقيقه عبر تلفزيون دبي ولصالحه.. وبعيدة عن المصالح الشخصية الصغيرة.
أخيراً فإن البنية التحتية للمعرفة التي تحدث عنها وأكد على الاستثمار فيها سمو الشيخ محمد بن راشد هي كل هذه التفاصيل التي أشرنا إليها، وإلى ضرورة ربط الناس بها.
د. بروين حبيب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق