تفضح نبضات قلبها وتغلب الربيع على الضوضاء في القصيدة
متابعة-على الستراوي: (جريدة الأيام البحرينية / 25 ذي الحجة 1424)
في التاسع من فبراير الجاري التقي محبو الشعر الشاعرة بروين حبيب في أمسية استضافتها جمعية الملتقى الأهلي الثقافي حيث قدمت الشاعرة للجمهور الشاعرة نبيلة زبادي..التي رسمت الشيء البديع في عمر الكلمة، تاركة جواد الشعر للشاعرة بروين في سرج أحلامها من القصيدة التي حملت بوح المرأة الحنون..في هذه الأمسية قدمت الشاعرة والإعلامية بروين حبيب..مترجلة بين أقدامها وحبس الحلم الذي شيد لها بيننا، وسريرا ووردة، وعبر عناق لم تطفئه حدة الهجر، كانت بروين تلون كلماتها بشيء من الحلم، شيء من الدفء شيء التلاقح الفكري في تواصل الكلمة مع الجمهور..وبحضور الجمهور الذي ملأ صالة الملتقى، كان جواد الشعر أسبق من ملاحقة فضاء الإحساس، (فضاء الحب) الذي جمع بروين بشيء لم تنفصل عنه ألا وهو جمهورها..والكلمة الدافئة.
فحينما أسرجت جوادا، كان هذا الجواد مطهما يسير بقرب ترعة ماء ودالية من كروم، كان هذا الجواد حاضرا في عناق للجام، عناق فارسي تجاور الفضاء فأكد وجوده عبر لجام الحلم – وبين إحساس رقيق فصل معاني الكلمة وأعطى ذهبيته للشعر، كان الحلم الجميل سيبدأ العطاء، سيد الروح، حينما تشغل بالشوق، وحينما تكونها مفاصل الدنيا على أريكة الحياة، تؤكد وجود الفاعل في لمة قد وطأتها الشاعرة فأحسست بدفئها.. وحنانها.. هكذا هي بروين حينما اتضح الحلم في فضاء ولم يكن لهوا، لكنه حياة..حياة تسير بشعلة النور الرافض للفقد:
كان عواء الفقد
يفترش الفراغ
ويتمد غائبا في خارطة المستحيل
كذا سجل المستحيل فراغها، وهكذا هي في عواء الفقد، خارطة من الحلم، لا تعرف المستحيل في اجتيازها مدائن الطفولة..وليس لها في حدود الغياب مفاصل، سوى التحدي، والركض في عناد المستحيل.
خوف يتكرس
في دفء الدم
ويبقى وجهه مشغولا بالسراب
ويسرقني
تتضح ابعاد نوافذ(بالخوف) لكنها مبحرة في دفء الدم، وغفرانها أويقات قليلة لكنها دافئة في عمر الحلم، ولم تتكن بالسراب كون السراب واقعا، إنما هي حكاية المشغول (بالخوف) والراكض عبر الحلم، عبر مدائن أخرى تجددها، وتعطيها لغة تواجه بها الواقع، ولا تعرف موقع المستحيل!
الألم شفيف يمدّ يده
منتظرا رائحة قلب منذور
طعنة مؤجلة..
هكذا هو الواقع، وهذي هي خرائط هذا الألم الشفيف، حينما حاول مدّ يده إلى قلبها، لم تكن سوى طعنة تعرفها مؤجلة لوقت تدركه وتعرف أبعاده في ظل "طعنة" تشعر بها كل يوم، لكنها عارمة على المسير..لرجل تراه ينام على وسادتها:
أيها الرجل الساطع
ابتكر لعنة أخرى
كي تنام على وسادتي
روائح هدمة
يكبر البعيد المختال فضاءات الوسادة ولكن ليس لمقدرة هذا الرجل سرق حلمها الساطع، فهو حينما قدم طعنته، وكانت لعنة تشعر بها ولكنها لم تستطع هدم حلمها.
لماذا اذا هربت أزهارك
توارى الضوء
لا تقمص العتمة
يظل الهجس للضوء لغة أخرى، على..، وجود العتم وجود كاسر الضوء، لكنه الانطفاء لغة ممزوجة بالخوف والتوجس، حينما أسقط القلب الجدار، لم ينطفئ النهار:
كلما أسقط القلب جدارا
داهمه الانطفاء
وفي قصيدة "حب" اتخذت بروين من موسيقى تلك الفضاءات شكلها، منداحة بشكل عفوي نحو موسيقى، نبضت بها حروفها، وسارت دقات قلبها بجوارها..
حبك في الموسيقى
وفي الحياة الموسيقى
رهافة الشتاء، رائحته وكنفه
سماء الضوء، وعطوؤر اليقظة
في الدخول على التلفزيون
في الخروج من التلفزيون
وحين تفقدني الشياء
حبك الفجر، حبك السمكة
حبك الورقة بعد قليل
والقلب في انشقاق في البرهة
والتأهب في الخسران
حبك الإله
الخمرة والرغيف ونعمة الكلمات
الدهشة وكل ما تحاور يدي
عندما لا حبيبي إلا أنت
حبك سكينة الخائف
سرير قديم
رائحة كؤوس في الخلاء
في الهطول..
حبك بيت وحيد
في فصول أربعة
دائما للنص رائحة أخرى، في الدخول والخروج..شكل لم يهدأ إلا بدون صاحبه، وكيف لهذا الهدوء مجاورة الحلم، ما لم يكن هو الموسيقى في اشتعاله وفي أبعاده اللغوية.نص حمل أبعادا ثرية بشكل مكمل لأبعاد النصوص الأخرى التي قرأتها بروين في الأمسية، إلا أنها في كومة من الورد ظلت تجوس بوجهها الجميل، الوجه الذي لم تغيره الأشكال الأخرى من اليوم، ظل بوحها هو الفارس الذي غاب، ولم يبتعد في غيابه عن نبضات في قصرها ظل معها يشكل لغتها ويحميها من السقوط.
وفي نص باسم "صوفية الحلم" أهدته الشاعرة إلى الشاعرة الفارسية مقيمة في لندن هي الشاعرة زيباركر بازادي تقول:
الفجر في الكلمات
دعة تتأهب مرورك
كالضحكة يساقط نجمة جمشير
تتركني شاحبة الخطوات
هامسة الرائحة في عطر خائف
أزنا هي الموجة خارج بحرها
كالصورة بيد طفلة
تغادر عودة الأزهار
صخب المائدة
حين يدخل الفراغ
وأنت في هوة الشاهق
السير في أبعاد الآخرين لوعة نحو جماليات التواصل وهذه اللوعة لا تعكس سوى عطائها بشكل تلاقح فكري، وهكذا هي بروين حينما ترسم الآخرين، تطرح لغتها التي تلمح عليها بشكل أبعاد متفاعلة في لغة الحب، لغة الدلال، لغة الهمس والرائحة وكلّ هذا يدخل في شكله الآخر:
صيف الليل يسافر
كل شيء فيك ل غواية ومعنى
انتباهة وذكرى..
في جسد يدخله الوقت
ويأخذه الغياب
صائد يلفحه الحلم حتى القلب
يبقى القلب رسالة لم تغفل نبضها، هي والروح تؤم صوفية الحلم، تؤم النهار والليل، وضوء شمعة لا تطفئ، هكذا هي لغة الحب والشفافية حينما رسمتها بروين في فضائها لنبقى، إننا أمام هذا الحلم رسالة لا نهدأ حتى تتضح الرؤية، والرؤية في شكلها الفلسفي هي أبعاد (الإنسان نحو أخيه الإنسان) هكذا هي أبعاد الحب والعشق والشوق والدفء والتلاقح الفكري في لغة بروين التي أكدتها عبر أكسيتها التي توسدت فيها ربيع آخر من الورود، ربيع من الحلم، والحب، وهذا الفضاء نحو صورة دائمة الهجس في لغة بروين التي فصلتها بآخر بوح في القصيدة، موحية للروح بالتواصل:
أقبل صورتك الهاربة
كالسمكة أهز نعاسك
في سرير اليتم
وافتح قلبي
تبقى أشرعة القلب هي أجمل رسالة موحية نحو من نشعر بهم قريبين من القلب، ويبقى فضاء اتصالنا، فضاء ويسع الحلم..هي بروين حينما رسمتنا بلغتها، كان للغتها بوح جميل، بوح فضح بروين في شفافي قلبها، قلبها الذي اتسع للحب، هذا الحب الذي هو القائد لبروين نحو نور الشمس نحو أبعاد أجمل في فضاءات الحلم..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق