اشراقات كومض البرق
كتبت: ناديا التميمي (جريدة الأيام – العدد 4973 – 8 شعبان 1423)
بدأت في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في أبوظبي مساء الأربعاء الماضي فعاليات السبوع الثقافي البحريني بأمسية شعرية، قدمت فيها الشاعرة بروين حبيب مجموعة قراءات شعرية..
..توافرت في قصائدها التي اسقطتها مطرا شفيفا من ثنايا مجموعتها الشعرية "رجولتك الخائفة..طفولتي الورقية" ومن أوراق طازجة لم يجف حبرها بعد، على روح شعرية معاصرة ورؤية كلية لنبض العشق والمرأة، فحين تقول:
"أحبّكِ"
خيط نور في وجهك المتلفّت:
أحبّك، وأترك الشاي يتيما عند الأريكة الزرقاء،
أحملك وأفتح نهار العابرين.
تفضي عن تخيل مأهول بالموجودات والمرئيات، تخيل يبلغ أقصى درجات التجلي، الذي هو جوهر الرؤية الكلية في قصائدها، وهي تهمز للماضي باتجاه المستقبل متجاوزة حاضرها المحيط، وحين تتابع في قصيدتها "المخمرية"، قائلة:
وئيدة، كنتُ بينهما،
طريدة مشتهاة!
مأخوذة بإنهاكة البحار
وصلافة الفراش حول الرغبة / الممات.
مناديل الحرير مكللة بالذنب،
فإنها تنفذ إلى شبكة معقدة من التمثل الصوفي بما ينسجم وفلسفتها التي تفور أو تمكث عند قاع الروح المتحضرة، أو اليائسة، او المتشككة، أو الظامئة، ولكن في حدود التجربة التي تبحث في الانفتاح والإثراء والرمز والدلالة الصوفية أحيانا، إذ تقول:
موغلة معهما، أمضي والمليكة
في الخلق تارة،
وفي رعشة الصفصاف آهات أخر.
أقلدهما في الغياب الهطول
بلا أوسمة.
أدخلهما،
وأتدحرج؛
أتألق،
وأسيل صاخبة كالجثة الناعمة.
تلك الروح الصوفية التي تأتي بشكل اشراقات تضمر وتظهر، تغور وتطفو، تتطلع بخشوع إلى المثل العلى في ملكوته، وقد ألفت تجلياته في الطبيعة، وافنسان والوجود، واحتفت احتفاء صوفيا كومضة البرق تخطف البصر، ولكن غير مستعصية على القبض والفهم، وبذات الوقع، وعملية الإسقاط التي تمارسها الشاعرة على أجساد قصائدها تقول في قصيدة"معطف العشب":
عدْ إلى فاتحة الروح؛ منتهى الميلاد،
إلى التي منحتك سارية الضوء وزند البحر.
حين تعتريني ساعة النزف أغتسل بمياه قصيدتك
أدفعك في الحلم
واراك
مطرا ونخيلا،
فجرا من لهب تحت سديم الحب.
وهكذا تضمخ بروين قصائدها وبخفاء بخطيئة الحلاج الذي باح سر العشق واكتفى بالدلالة، ذاتا وسمات، حين كان يقينه أن زمن الهوى طبع، ولم يكن يعلم أن ثمن العشق سيكون رأسه، فكان "الموت عشقا" ثم كان "الرماد".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق