بروين حبيب في "رجولتك الخائفة..طفولتي الورقية"
بقلم:د.رسول محمد رسول*
(جريدة أخبار الخليج/ العدد 8993 – 6نوفمبر 2002م)
"ثلاثون ، يا صديقي
مطر مطوق بالبرق، أم قصائد باكيات؟!
ثلاثون، والماضي أجراس تبتعد.."
هذا هو المقطع الأخير من قصيدة "ثلاثون" للشاعرة البحرينية المبدعة بروين حبيب، إنه المقطع الذي يكسف عن زمانية محايثة هي عقود عمرها الثلاثة، لكنه يكشف أيضا زمانية الألم، وصحوة الحيرة، واستيقاظ الدهشة بإزاء التساؤلات الجارفة عن لحظة عيش الوجود ي ذروة التناقضات، فقد يكون "المطر" الذي يطوقه "البرق" والذي لا يبدو إلا عراكا فضائيا بل سماويا هاربا من حضوره، المر الذي يجعل هذه الحالة قاعدة وهما ونمطا مسافرا مع عمر بروين.
إن حالة عيش الأضداد أو العيش تحت سطوتها يعد ظاهرة تتكرر في قصائد عدة من ديوان الشاعرة "رجولتك الخائفة..طفولتي الورقية"..وهو عنوان يميل فورا إلى ثنائية ضدية بين رجولة خائفة وطفولة ورقية رقيقة، بل يميل إلى ندية أنثوية هي الأخرى تظهر كتكرار في نسيج قصائد الشاعرة التي تشتغل على توتر الرؤية والعلاقة بين طرفين يتناقضان في فضاء المشاكسة على رغم كونهما يلتقيان في وهج سجادة الحب.
تضع بروين الرجولة، بكل ما فيها من خشونة الأثر، إزاء طفولة شفافة بريئة ربما لا تقوى على المواجهة، لكنها تواجه وبلغة ندية خشونة الآخر، وعبثه، وسطوته، وخيانته، وكل ذلك في غضون رغبة الاحتفاظ بالآخر(الرجل)، وامتلاك موجوديته لئلا يتناهى إلى قطيعة مطلقة عن موجودية الشاعرة ذاتها والرحيل إلى غير رجعة، لذا في وطن الاختلاف وأحوال الهاوية التي تزاحم موجودية الآخر..ن تقول بروين:
تحت هشيم غربتي، كالغيمة المنفردة، أعود شاهقة
معك،
لعلّي أحاذر سخط المبعدين،
وأضيء قلبك ساعة الهاوية.
..لقد عمدت الشاعرة البحرينية بروين حبيب إلى تنفيذ تجربة ذاتية مزدانة بمخيال القصيدة النسوية، وهذا ما جعل الديوان بكل قصائده الواحدة والعشرين، يظهر لقارئه كقصيدة واحدة، تتدرج زمانيا ضمن تحولات لذات ولوعة الألم والانكسار المتبادل بين طرفي التجربة.
وفي هذا نلاحظ أن قصيدة بروين هي قصيدة صورة تجسد المعنى وفق لغة سلسة، عذبةـ حالمة، لماحة، عفوية في هديرها الشعري والموسيقي.إنها تجربة للألم والضياع، الحنين والرغبة، الرجاء والعتاب، الحب والجفاء، لكنها تبقى تجربة الحربة والجمال والمعرفة والطفولة.
*كاتب من العراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق