سيرة

شاعرة وباحثة أكاديمية وعلمية في الحقلين الثقافي والأدبي / خبيرة إعلامية للعديد من الدورات التدريبية المتخصصة في مؤسسة دبي للإعلام،ومساهمة في تميز المؤسسة عبر إطلاق أوائل البرامج الثقافية الحوارية على مستوى الخليج العربي / حائزة على جائزة المرأة الديناميكية للعام 2011 على مستوى القارات من جامعة جورج واشنطن بالولايات المتحدة الأميركية، لتنال بذلك أول جائزة عالمية تمنح لقصص نجاح نساء حول العالم قدمن تجارب مضيئة، ولتدرس قصتها لطلبة الجامعة ضمن أكبر شبكة عالمية (أون لاين) / ترجمت قصائدها إلى سبع لغات / حاصلة على دكتوراه في النقد الأدبي - تقدير امتياز عام 2004م

الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

نالت الدكتوراه عن "شعرية الاختلاف في شعر المرأة الخليجية"


د.بروين حبيب: تحولات اجتماعية وراء تطور تجربة الشاعرة في منطقتنا

حاورها:عمر شبانة
شاعرة وباحثة أكاديمية وإعلامية مبدعة، نجحت في كل مستوى من هذه الحقول الثلاثة في أن تصنع حضورها المميز والبارز. تعرفت إليها في البحث الأكاديمي عبر كتابها "تقنيات التعبير في شعر نزار قباني" (الصادرة في المؤسسة العربية للدراسات والنشر 1999) وهو البحث الذي تقدمت به لنيل الماجستير من جامعة عين شمس. ثم قرأنا لها مجموعتها الشعرية الأولى والوحيدة ربما حتى الآن "رجولتك الخائفة طفولتي الورقية" (الصادرة عن دار النشر نفسها، 2001)، واليوم نتعرف إليها في الرسالة الجامعية المقدمة إلى الجامعة المصرية ذاتها لنيل شهادة الدكتوراه وعي بعنوان "شعرية الاختلاف:دراسة في شعر المرأة في الخليج 1975 -2000"...
وفي مجال الإعلام كانت بروين قد بدأت في عام 1988 مذيعة في فضائية البحرين ثم انتقلت عام 1999 إلى قناة دبي الفضائية مذيعة لنشرات الأخبار ولبرنامج "مساء الخير يا دبي"، ثم برنامج "صواري" الثقافي المخصص لاستضافة شخصيات فكرية ضمن حوارات جادة، ومؤخراً أخذت تطل في برنامج "نلتقي" الثقافي والفكري الذي يعكس ميولها واهتماماتها.
في حقل دراستها الجديدة المخصصة لشعر المرأة الخليجية تجولنا مع د.بروين لنتعرف إلى هذه الدراسة وعناصرها ودوافعها وبعض ما توصلت إليه الباحثة –الناقدة، ومن موقعها هي بوصفها شاعرة أيضا، وكان هذا الحوار "مقتطفات":
ابتداء أسأل: لم شعرية الاختلاف؟ ما الذي يذهب إليه العنوان، وفي أي اختلاف يبحث؟
عمليا قمت باستقراء النصوص للوقوف على شعرية المرأة بوصفها شعرية اختلاف، وبالتالي قراءة مكونات شعرية الاختلاف، وذلك من خلال دراسة القاموس اللغوي للشاعرات، والبحث في المؤتلف والمختلف، والمشترك والخصوصي في هذا الشعر، وقياس درجة افتراقه عن أو "اقترابه من" القاموس الشعري العربي الحديث. أيضاً البحث في علاقة اللغة المؤنثة بالأعراف اللغوية الحديثة السائدة لمعرفة ما إذا كانت المرأة الخليجية استطاعت في نصّها الشعري تخليص صوتها من هيمنة الصوت الذكوري على لغة الشعر، واجتراح لغة تعبير خاصة بها تعكس اختلافها، وتمكّنها من اكتشاف دواخلها والتعبير عنها بحرية، ومن منظور مختلف، ولغة تؤكد اختلافها.ثم قمت بدراسة النص الشعري كمرآة فنية لوجه المرأة الشاعرة، والبحث عن صورة المرأة في نصها، وتقصي صورة الرجل في نص المرأة، أي البحث في تجليات الأنا والآخر، وجدل العلاقة بينهما..وشغلني بصورة خاصة الصوت المؤنث، ليس فقط من خلال البحث في موضوعة البوح الوجداني الهامس، مناخاته ومصادره، وإنما من خلال التساؤل عما إذا كان هذا جزءا أصيلا من السمات المكونة للصوت الشعري المؤنث، أم أنه تجل من تجليات السلبية الأنثوية، وملمح من ملامح الاستكانة والضعف والخضوع في مجتمعات ذات أعراف ذكورية.
كنت بدأت أكاديميا مع تجربة نزار قباني الشاعر العلم، والآن تقرئين تجارب جديدة، ما الجديد هنا؟
الجديد هو الأطروحة، هو البحث نفسه، والمنهج الحديث الذي يقوم عليه البحث فهذه في حدود معرفتي هي المرأة الأولى التي يجري معها تناول تجارب الشاعرات في الخليج العربي من خلال أطروحة علمية أكاديمية تهدف على دراسة المشهد الشعري النسائي في هذه المنطقة من العالم العربي، ورصد وتحليل خطابات هذا الشعر والبحث في مكوناته الفنية والجمالية والتعبيرية، والوقوف على خصوصياته الناجمة عن موقعه في المكان والمجتمع وعن انتمائه إلى التاريخ الشعري العربي، فضلاً عن البحث في طبيعة علاقته بالإرث الشعري الخليجي من جهة، وبالشعرية العربية الحديثة من جهة ثانية. ثم دراسة صلته بشعر الرجل العربي وبالأعراف والظواهر الشعرية الذكورية الحديثة في الثقافة العربية، هذا من جهة، ومن جهة ثانية علاقة شعر المرأة في الخليج بشعر النساء العربيات اللواتي انطلقت نتاجاتهن خلال السنوات الثلاثين المنصرمة، والهدف هو قراءة تحولات النص، وقياس درجة تعبيره عن حركة تحرر المرأة وكفاحها الشخصي والجمالي لإسماع صوتها الخاص والتعبير عن اختلافها في مجتمع ذكوري مهيمن على اللغة والخطاب والسلطة وعلى مصادر القوة، ومنتج لأدوات التعبير في النص، ومهيمن على وسائل الاتصال الجماهيري في المجتمع، وذلك عن طريق دراسة نماذج من هذا الشعر تنتمي من حيث سماتها الأسلوبية والتعبيرية ومن ثم جملة خياراتها إلى ما يُعرف اليوم بالكتابة الشعرية العربية الحديثة سواء أكان الخيار الفني هو شكل قصيدة النثر، أو الشكل المسمى بقصيدة التفعيلة.
بروين، ماذا عن المنهج الذي اتبعته في دراستك هذه؟
تستدعي الدراسة أطرافا من مناهج عدة، منها: المنهج الأسلوبي التحليلي، والمهج الوصفي، والمنهج الذي يستند إلى تحليل ملامح الشعرية من الداخل، لقراءة النصوص وتحليلها، للكشف عن طبقات النص ومستوياته العديدة..
لنتحدث عن المفاهيم الجديدة والمتغيرات التي أتاحت التحول في تجربة الشاعرة الخليجية التي تأخرت عن شقيقاتها في دول عربية اللاتي بدأن  مع بدايات القرن العشرين؟
سؤال مهم، لا بد من الإشارة هنا إلى أنّ الأوضاع الخاصة بالمرأة الخليجية، هي أوضاع نجمت عن تحولات عصفت بمجمل كيانها وشكت تحديا وجوديا لهان وسببا قويا في حركتها نحو تعزيز حضورها الاجتماعي، والذهاب إلى تأكيد الذات في منطقة الفاعلية الإنسانية. من هنا، فإن الدراسة عنيت في جانب منها بتقصي أبرز ملامح التمرد من خلال علاقة المرأة بالشعر..
ومن ناحية ثانية يمكنني التأكيد على أن جانبا مهما من الأسباب التي حرضتني على اختيار الموضوع هو رواج نص المرأة الشعري وتحوله إلى ظاهرة ثقافية تحتاج إلى درس.
في ما يخص علاقة المرأة باللغة، ما المختلف كما برز في دراستك، ومقارنة مع علاقة الشاعر الرجل باللغة، وكيف تؤثر لغة الأنثى – إن وجدت- في تشكيلها لشعرها وبنيته؟
هذا سؤال طرحته الدراسة على نفسها. في المناهج الحديثة لا يمكن عزل هذا عن ذاك. لكنني عنيت بتقصي السمات والملامح الخاصة الدالة على مخيلة المرأة الشعرية من خلال موضوعات وعناصر وثيمات التخييل نفسها، للوصول إلى النسيج الخاص الذي تتشكل منه ذات المرأة الشاعرة، ودراسة ميكانزمات عمل المخيلة في النص، هنا يستفيد البحث من مواد علم النفس وعلم النفس الاجتماعي لاستكشاف ذلك.. ولطرح السؤال حول ما إذا كان لا يجوز التساؤل والبحث في فكرة هوية المخيلة الفنية؟ والواقع أنني شغلت أكثر بالتساؤل حول ما إذا كانت هناك في لعبة الشعر نفسها إمكانات متاحة للذات الشعرية للتخلص من جنسها، أو لنقل من الحدود الصارمة للجنس، خروجاً عبر الإبداع إلى أرض ثالثة مشتركة في الفن تردم الفجوة بين المؤنث والمذكر. وهذا السؤال زاحمه سؤال آخر، ترى هل يتجه البحث إلى نتائج تقول بغلبة مساحة المؤنث في الفن والخلق الفني بصورة عامة لدى النساء والرجال على حد سواء؟ لست ميالة إلى الإجابة عن كل سؤال، دراستي لا تقدم أجوبة دائماً، وإنما هي مساحة متحركة للتشاكل مع الأسئلة.....
من خلال دراستك، ما أبرز ملامح كتابة الشاعرة في الخليج، ودوافع هذه الكتابة؟
هناك في دوافع الكتابة ما أسميه بالعودة عن الصمت. وقد بحثت في هذا الحيّز علاقة المرأة بالشعر، أطوار هذا العلاقة، وملامحها التطورية، وحاولت قراءة الظروف والأسباب الثقافية والاجتماعية التي أخرت ظهور صوت المرأة الشاعرة في الخليج، قياسا بجغرافيات شعرية عربية أخرى.
كونك شاعرة وتكتبين قصيدة النثر، هل كان له تأثير في اختياراتك للموضوع وللنصوص وتركيزك على قصيدة النثر؟
اختيار قصيدة النثر، أو لنقل التركيز على هذه القصيدة في أطروحتي هو عمل موضوعي تماماً، ونجد الأسباب المتينة لهذا الاختيار في اعتماد المرأة الشاعرة هذا الشكل إطاراً للتعبير، معبّرة بذلك عن توقها إلى كسر القوالب وتجاوز الشكل القديم القامع لصوتها، وتحرير هذا الصوت بوساطة الإمكانات الكبيرة التي يتيحها الشكل الحر. وهنا، في نظرنا، يكمن أحد مصادر ثورية إنجاز المرأة العربية عموماً في الشعر. والواقع أن الدراسة آثرت التركيز على القصائد التي تنتمي إلى الشكلين الفنيين، التفعيلة والنثر، لكونهما سادا كظاهرة طاغية وباتا يستقطبان الظاهرة الشعرية العربية، والخليجية ضمناً، ولا بد أن أضيف هنا أن اعتماد المرأة الوسيط النثري لإنتاج الشعرية إنما هو بمنزلة إعادة تأكيد للفعل الجمالي بمواصفات شهرزادية. وقد شغل هذا المستوى من البحث حيزاً أساسياً من الدراسة. هنا يمكن قراءة الإزاحات، أعني “انزياحات الدلالة”، وتفكيك المواربات، والإبدالات العديدة التي تجريها المرأة على نصّها لتسرير البوح، وطمس بعض معالمه الخطرة تجنباً للتابوات، بما يلغّز الكتابة أحياناً. ومن شأن البحث في هذا الأمر تسليط الضوء على المناطق الظليلة في الكتابة المؤنثة، ومحاولة استكشاف ما قامت المرأة نفسها بتهميشه، وبالمقابل قراءة ما قامت باستحضاره وفق كيفيات جديدة، وأثر هذا كله في تطور الشكل الفني.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق