كثيرا ما يتسلل قلمي بين أصابعي ليكتب أشياء لا علاقة لها بها، وكثيرا ما أنهره وما أمنعه عن القيام بأشياء كهذه، ولكن هذه المرة الأمر مختلف عندي فكلما منعت القلم عن الكتابة في موضوع كتاب الشاعرة بروين حبيب، وجدت نفسي أعود فأسمح له بالكتابة، حتى اشترطت عليه أن تكون الكتابة هذا الموضوع مجرد ترجمة للأحاسيس دون الدخول في تحليل قامة هذه الشاعرة الجميلة، وللأمانة أقول إنني عندما أمسكت ديوان "رجولتك الخائفة طفولتي الورقية"سسته مليئا بالأناقة والدقة في اختيار التعابير اللغوية العربية ولكن عندما قرأته وجدت أشياء كثيرة أخرى، شعرت كما أن الأنوثة أصبحت في كلمات بروين ذات معنى أكبر من "أنثى ورجل" وأعمق من مفهوم تصالح المرأة مع نفسها، فالشاعرة والمذيعة المثقفة بروين حبيب لم تكتف فقط بكتابة خواطر شعرية أو قصائد أو أي مسمى آخر، بل هي تلذذت بكل ما تحمله الكلمة من معنى في اختيار اللكمات والصور والدلالات التعبيرية لتنسج منها أبيات مليئة بالجرأة والإقدام تعجز عنه كثيرات من قريناتها في الوطن العربي وليس الخليج وحسب، بروين حبيب التي قدمت كتابها الأول عن شعر نزار قباني متأثرة به إلى حد المواجهة متأثرة بشعره إلى حد العشق، متأثرة بشاعرية رجولته إلى حد الأنوثة، تطل في ديوانها الأول لتقول في قصيدة سمتها بـ"رفيف":
رجولتك تخاف طفولتي الورقيّة
تشهق حيرة الصحراء
فسلاما، يا أبجدية النّحر.. أيا رجلا،
تعال
بقليل من النبيذ
خذ قلبي، وانسج كنزة له
خذ وجهي، وارسم في ليله،
واهجع فيّ، حتى يستحيل التماع جسدنا
برهة تنهمر.
هكذا، بكل هدوء، وبكل واقعية، وبكل شفافية الحب، تتقدم بروين حبيب نحونا حاملة همومها الأنثوية في أطباق شعرية، تتقدم بروين نحونا لتحملنا على أن نرفع قبعاتنا ونظهر إعجابنا أمام تجربة أولى من تجارها المنشورة بشكل ديوان الذي يعني من غلافه الكثير، أليس اللون الأحمر أهم الألوان وأقواها على الإطلاق وأليست هذه المساحة الحمراء في أعلى الكتاب دلالة على أهمية ما يحتويه؟
"زهو"
تحت هشيم غربتي، كالغيمة المنفردة، أعود شاهقة
معك،
لعلّي أحاذر سخط المبعدين،
وأضيء قلبك ساعة الهاوية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق